هنّ _ خاص
ليست كل ريشةٍ ترسم جمالًا، فبعضها يرسم روحًا. هكذا تصف علياء البادي علاقتها بالمكياج؛ فنّ لا يقتصر على الألوان، بل يمتد إلى إحساسٍ راقٍ يعيد اكتشاف الجمال في ملامح كل امرأة.
من طفلة تُجرب أدوات والدتها، إلى خبيرة تجميل تُنير وجوه العرائس بثقة وذوق، قطعت علياء رحلة شغفٍ حقيقية عنوانها الإصرار والتعلّم الذاتي. ما بين الفرش والألوان، صنعت اسمها بإتقان وحب، لتصبح اليوم مصدر إلهامٍ لكل من تؤمن أن الموهبة، حين تُصقل بالإرادة، تصنع طريقها مهما كانت البداية بسيطة.
في هذا الحوار، تروي لنا علياء حكايتها منذ أول لمسة فرشاة وحتى تحقيق حلمها بالاحتراف.
البدايات: شغف الطفولة يتحوّل إلى طريق مهني
متى اكتشفتِ شغفك بعالم المكياج؟ وكيف كانت بدايتك الأولى في هذا المجال؟
اكتشفت شغفي منذ كنت طفلة صغيرة، كنت أرى والدتي – حفظها الله – تضع مساحيق التجميل وأشعر بانجذاب كبير تجاهها. كنت أجرب أدواتها بخفة طفولية وأراقب النتيجة بشغف. مع الوقت، بدأت أضع المكياج لصديقاتي في المدرسة، وأقلّد ما أراه في المجلات. لم أكن أدرك حينها أن هذه اللحظات البسيطة ستقودني إلى طريقي المهني الحقيقي.
في البداية كنتِ تعملين من المنزل وتذهبين إلى الزبونات، كيف تصفين تلك المرحلة؟
تلك المرحلة من أجمل مراحل حياتي. بدأت من الصفر بإمكانات بسيطة، وكنت أستقبل الزبونات في غرفتي الصغيرة التي تحوّلت إلى مساحة عمل مليئة بالألوان والفرش. أحيانًا كنت أذهب إلى منازلهن، خصوصًا لكبار السن أو الأمهات اللواتي يصعب عليهن الحضور. رغم التعب، إلا أن رؤية الرضا في وجوههن كانت كفيلة بأن تمنحني طاقة الاستمرار. هذه الفترة علمتني الصبر، والدقة، واحترام الوقت، والزبونة.

التحديات وبناء الثقة
ما التحديات التي واجهتكِ وأنتِ تبنين اسمكِ من الصفر؟
واجهت بعض الصعوبات البسيطة، مثل ساعات العمل الطويلة والبعد عن العائلة، لكنها كانت دروسًا في الصبر والالتزام. كل تحدٍ جعلني أقوى وأكثر تركيزًا على هدفي.
هل تتذكرين أول تجربة مكياج نفذتها؟ وكيف كانت النتيجة؟
نعم، كانت تجربة لا تُنسى! كانت النتيجة جميلة جدًا بالنسبة لعُمري وقتها، حتى أن البعض ظن أن خبيرة تجميل محترفة هي من قامت بالمكياج. كنت وقتها في الصف الأول الإعدادي، ومنذ تلك اللحظة شعرت أن في داخلي موهبة يجب أن أنميها.

من الهواية إلى الاحتراف
منذ عام 2017 تحولت الهواية إلى مهنة، ما الذي دفعكِ لاتخاذ هذه الخطوة؟
بعد تجربة قصيرة في إحدى الشركات، أدركت أن العمل المكتبي لا يشبهني. كنت أبحث عن مساحة للإبداع، فاستقلت وبدأت من جديد. جهّزت غرفتي الصغيرة بأدوات بسيطة، وبدأت أطبّق المكياج على نفسي وأصوّر النتائج وأنشرها. شيئًا فشيئًا بدأت الناس تعرفني وتطلب حجوزات، ومن هنا انطلقت مسيرتي المهنية.
كنتِ تعتمدين على نفسك في التعلم، كيف طوّرتِ مهاراتك دون دراسة أكاديمية؟
كان لدي حس فني فطري، وطوّرته بالممارسة اليومية والبحث عبر الإنترنت. كنت أشاهد الفيديوهات التعليمية على اليوتيوب وأتابع أحدث الصيحات وأطبقها بنفسي حتى أتقنها.
ما أول ما شدّكِ في عالم المكياج؟
شدّني كيف يمكن للمكياج أن يُبرز الجمال الطبيعي للملامح بأسلوب فني راقٍ. أحب التغيير الجميل الذي يحافظ على ملامح الشخص ويزيدها تألقًا.
ما المصادر التي اعتمدتِ عليها لتطوير نفسك؟
بدأت مع المجلات، ثم انتقلت إلى يوتيوب ومتابعة خبراء التجميل العرب والعالميين. أكثر من أثّر فيّ كانت خبيرة التجميل السعودية العنود اليماني، وقد حضرت لها دورة تدريبية في السعودية كانت نقطة تحول في حياتي المهنية.
ما أكثر مهارة أو تقنية أخذت منكِ وقتاً حتى تتقنيها تماماً؟
تركيب الرموش، فهي تحتاج إلى دقة وصبر كبيرين حتى تبدو طبيعية ومريحة للزبونة.

هل تتذكرين موقفًا أكد لكِ أن موهبتك تستحق أن تتحول إلى مهنة؟
نعم، أتذكر عندما كنت أستعين بخبيرة مكياج لمناسباتي الخاصة، وكان من حولي يقولون إن مكياجي بنفسي أجمل بكثير. عندها شعرت بالثقة الكاملة أن هذه الموهبة تستحق أن أستثمر فيها بجدية.
ما سر الدقة في لمستك الجمالية؟
هي مزيج من الحس الفني الفطري والخبرة العملية. أتعامل مع كل وجه على أنه لوحة فنية خاصة، ولكل عين طريقتها وتكنيكها، لذلك أحرص دائمًا على أن أُبرز الجمال الطبيعي لكل امرأة بطريقة تناسبها.
هل تعتبرين نفسك فنانة أكثر من خبيرة تجميل؟
نعم، أشعر أنني فنانة. الفرشاة بالنسبة لي مثل فرشاة الرسام، والألوان هي وسيلتي للتعبير عن الجمال بأسلوب ناعم ومتقن.

أسلوب خاص وتجدد دائم
كيف تحافظين على إبداعك وتجددك مع سرعة تغيّر الصيحات؟
أتابع كل جديد في عالم المكياج من منتجات وتقنيات، لكنني أؤمن أن الجمال الحقيقي ثابت. أحرص على تطوير نفسي باستمرار دون أن أفقد هويتي الفنية.
كيف تصفين أسلوبك الخاص في المكياج؟ وهل تميلين إلى الإطلالة الطبيعية أم الجريئة؟
أسلوبي راقٍ ومميز، وأميل أكثر إلى الإطلالة الطبيعية التي تُبرز الملامح بدلاً من تغطيتها. ومع ذلك، أستمتع أحيانًا بتطبيق الإطلالات الجريئة عندما تتطلب المناسبة ذلك.
كيف توفقين بين ذوق الزبونة ورؤيتك الفنية الخاصة؟
أحترم ذوق الزبونة دائمًا، لكن إن رأيت أن اختيارها لا يناسب ملامحها، أشرح لها بهدوء وأقترح تعديلات بسيطة. في النهاية، عندما ترى النتيجة، تقتنع بأن رؤيتي كانت الأنسب لها.
من هم خبراء التجميل الذين يلهمونك؟
ألهمتني كثيرًا العنود اليماني، وكذلك هند فادي قطايا وروان الركيبي. أحب فيهنّ التنوع والقدرة على إبراز الجمال بأسلوب أنيق ومتوازن.

التجربة الاحترافية والطموح
كيف تتعاملين مع ضغوط العمل خصوصاً في مواسم الأعراس والمناسبات؟
السر في التنظيم. أرتب مواعيدي مسبقًا وأتواصل مع الزبونات بوقت كافٍ. صحيح أن الموسم يكون مزدحمًا جدًا، لكن شغفي بالعمل يجعلني أستمتع رغم الإرهاق.
ما حلمك الأكبر الذي تسعين لتحقيقه في عالم التجميل؟
في البداية كنت أحلم بامتلاك صالون تجميل، لكن مع مرور الوقت طوّرت الحلم إلى شيء أكبر: تأسيس معهد تجميل أُدرّب فيه الفتيات الموهوبات وأساعدهن على بناء مسيرتهن بثقة واحتراف.

ما النصيحة التي تقدمينها للفتيات اللواتي يمتلكن الموهبة لكن يخشين البداية؟
أنصحهن بكسر الخوف والبدء فورًا. لا تنتظرن الظروف المثالية، فالبدايات دائمًا صعبة، لكنها الخطوة الأهم في طريق النجاح. عندما تبدأن وتؤمنّ بأنفسكن، ستجدن الطريق يتفتح أمامكن خطوة بخطوة.
الانستغرام: alya_makeup2




